الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
استدل ابن الجوزي في "التحقيق" للشافعي في الجمع بين العشر، والخراج بعموم الحديث عن ابن عمر [عند البخاري في "الزكاة - باب العشر فيما يسقى" ص 201 - ج 1] عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه سن فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثريًا [قوله: "العثرى" - بالمهملة، والمثلثة المفتوحتين، وكسر الراء، وتشديد التحتية - وهو ما يشرب بعروقه من غير سقي، قاله الخطابي، وقيل: ما سقي بالعاثور، والعاثور شبه نهر يحفر في الأرض، يسقى به البقول والنخل والزرع، انتهى من هوامش البخاري: ص 201 - ج 1] العشور، وفيما سقي بالنضح نصف العشر، انفرد به البخاري، قال: وهذا عام في الأرض الخراجية، وغيرها، قال ابن قتيبة: العثري الذي يؤتى بماء المطر إليه حتى يسقيه، وإنما سمي عثريًا، لأنهم يجعلون في مجرى السيل عاثورًا، فإذا صدمه الماء زاد، فدخل في تلك المجاري حتى يبلغ النخل ويسقيه، انتهى كلامه. واستدل الشيخ تقي الدين في "الإِمام" للشافعي بما أخرجه البيهقي عن يحيى بن آدم ثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن ميمون بن مهران، قال: سألت عمر ابن عبد العزيز عن المسلم يكون في يده أرض الخراج، فيسأل الزكاة، فيقول: إنما عليّ الخراج، فقال: الخراج على الأرض، والعشر على الحب، وأخرج أيضًا عن يحيى ثنا ابن المبارك عن يونس، قال: سألت الزهري عن زكاة الأرض التي عليها الجزية، فقال: لم يزل المسلمون على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وبعده يعاملون على الأرض، ويستكرونها، ويؤدون الزكاة مما خرج منها، فنرى هذه الأرض على نحو ذلك، انتهى. قال الشيخ: الأول فتوى عمر بن عبد العزيز، والثاني فيه إرسال عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. ذكره في "الزكاة". قوله: ولأن أحدًا من أئمة العدل والجور لم يجمع بينهما، وكفى بإِجماعهم حجة. قوله: ولا يتكرر الخارج بتكرر الخارج في سنته، لأن عمر رضي اللّه عنه لم يوظفه مكررًا، قلت: تقدم ما يدل عليه في حديث وضع الخارج على السواد، وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه - في أواخر الزكاة" حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن زياد بن حدير، قال: استعملني عمر على المتاجر، فكنت أعشر من أقبل وأدبر، فخرج إليه رجل، فأعلمه، فكتب إلي أن لا يعشر إلا مرة واحدة - يعني في السَّنة - ، انتهى. وروى أيضًا حدثنا وكيع عن سفيان عن غالب أبي الهذيل عن إبراهيم، قال: جاء نصراني إلى عمر، فقال: إن عاملك عشَّر في السنة مرتين، فقال: من أنت؟ فقال: أنا الشيخ النصراني، فقال له عمر: وأنا الشيخ الحنفي، فكتب إلى عامله أن لا يعشر في السنة إلا مرة واحدة، انتهى. وروى أيضًا حدثنا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري، قال: لم يبلغنا أن أحدًا من ولاة هذه الأمة الذين كانوا بالمدينة، أبو بكر، وعمر، وعثمان أنهم كانوا يثنون الصدقة، لكن يبعثون عليها كل عام في الخصب، والجدب، لأن أخذها سنة من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. حدثنا سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن حسن بن حسن عن أمه فاطمة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "لا ثنيا في الصدقة"، انتهى. *4* باب الجزية - الحديث الأول: روي أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صالح بني نجران على ألف ومائتي حلة [قال ابن الهمام في "الفتح" ص 368 - ج 4، وقول المصنف: على "ألف ومائتي حلة" غير صحيح، وكذا قوله: "بني نجران" فإن نجران اسم أرض من حتز اليمن لا اسم قبيلة، فلذا كان الثابت في الحديث أهل نجران، انتهى]. قلت: أخرجه أبو داود في "كتاب الخراج" [باب في أخذ الجزية" ص 74 - ج 2.] عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي عن ابن عباس، قال: صالح رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر، والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعًا، وثلاثين فرسًا، وثلاثين بعيرًا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح، يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن، كيد، أو غدرة، على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنوا عن دينهم، ما لم يحدثوا حدثًا، أو يأكلوا الربا، انتهى. قال المنذري: في سماع السدي من ابن عباس نظر، وإنما قيل: إنه رآه، ورأى ابن عمر، وسمع من أنس بن مالك، انتهى. - الحديث الثاني: قال عليه السلام لمعاذ: - "خذ من كل حالم، وحالمة دينارًا أو عدله معافر"، قلت: أخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي [عند أبي داود في "الزكاة - باب في زكاة السائمة" ص 221 - ج 1، وعند الترمذي في "باب ما جاء في زكاة البقر" ص 91 - ج 1، وعند النسائي فيه: ص 239 - ج 1.] "في الزكاة" عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ، قال: بعثني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه عن مسروق عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، قال: وهو أصح، انتهى. ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع الحادي والعشرين، من القسم الأول، والحاكم في "المستدرك" [في "المستدرك - في باب زكاة البقر" ص 398 - ج 1، وفيه ذكر الحالم، وعند ابن ماجه فيه: ص 130، وليس في روايته ذكر الحالم]، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى. ويراجعان، فإن ابن ماجه رواه، ولم يذكر فيه قصة الحالم، وإن كان أصحاب "الأطراف" عزوه إليه أيضًا، لأنهم إنما يعتبرون أصل الحديث، وأنصف ابن تيمية في "المنتقي" إذ قال بعد أن عزاه لأصحاب السنن، وليس لابن ماجه ذكر الحالم، ووهم ابن دقيق العيد في "الإِلمام" فعزاه لأصحاب السنن، ولم يستثن، وأقوى منه في الوهم ما فعله بعض أهل العصر في كتاب وضعه على التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، فذكر في "باب الجزية" عن معاذ قال: بعثني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى اليمن، فقال: خذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافر، ثم قال: أخرجه أصحاب السنن، وليس هذا عند ابن ماجه، واللّه أعلم، ولفظة الحالمة: رويت فيه أيضًا مرسلًا ومسندًا، فالمسند رواه عبد الرزاق في "مصنفه" حدثنا معمر، وسفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم وحالمة دينارًا، أو عدله معافر، انتهى. ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في "سننه [عند الدارقطني في "الزكاة" ص 203.] - في كتاب الزكاة"، ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" من ثلاث طرق دائرة على الأعمش به، وأما المرسل فرواه عبد الرزاق أيضًا أخبرنا معمر عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن مسروق قال: بعث رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ معاذ بن جبل إلى اليمن، وأمره أن يأخذ من كل حالم وحالمة من أهل الذمة دينارًا أو قيمته معافري، قال: وكان معمر يقول: هذا غلط، قوله: حالمة ليس على النساء شيء، انتهى.
|